قرار صارم لحماية العاملين: الكويت تحظر دراجات التوصيل خلال الصيف

الكويت تحظر دراجات التوصيل خلال الصيف.
كتب بواسطة: فادية حكيم | نشر في الجمعة، 23 مايو 2025 , 19:44 م

في خطوة حاسمة تهدف إلى حماية العاملين من المخاطر الصحية الناتجة عن درجات الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية حظر عمل دراجات توصيل الطلبات الاستهلاكية في جميع الطرق والمناطق داخل البلاد، وذلك في الفترة الممتدة من الساعة الحادية عشرة صباحًا حتى الرابعة عصرًا يوميًا، اعتبارًا من الأول من يونيو المقبل وحتى نهاية أغسطس.

ويأتي هذا القرار في إطار توجهات الحكومة الكويتية لتعزيز إجراءات السلامة المهنية، والحفاظ على أرواح العمال الذين يواجهون ظروفًا مناخية قاسية خلال ساعات الذروة، لاسيما في ظل الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة المسجّلة صيفًا، والتي تتجاوز أحيانًا حاجز الخمسين درجة مئوية.

ويُعد هذا الإجراء استكمالًا لحزمة من السياسات التي اتخذتها السلطات الكويتية خلال السنوات الماضية للحد من التعرض المباشر لأشعة الشمس، لا سيما في القطاعات التي تعتمد على الأعمال الميدانية والتنقل الخارجي.

وأوضحت وزارة الداخلية، عبر بيان رسمي صادر عن الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني، أن مخالفة القرار ستُقابل بتسجيل مخالفة "شروط التصريح"، ما يعني فرض إجراءات صارمة على الشركات والمؤسسات التي لا تلتزم بالتعليمات، الأمر الذي يعكس جدية الحكومة في تنفيذ القرار دون تهاون، كما دعت الوزارة جميع شركات التوصيل إلى الالتزام الكامل باللوائح الجديدة، وتعديل جداول العمل بما يتناسب مع أوقات الحظر لتفادي العقوبات القانونية والإدارية.

وقد لقي القرار ترحيبًا واسعًا من قبل نشطاء حقوق الإنسان وعدد من الجمعيات المهتمة بشؤون العمالة، معتبرين أن الحظر يعكس وعيًا رسميًا متزايدًا بأهمية مراعاة ظروف العمل العادلة والمستدامة، وأكدت جمعية حقوق الإنسان الكويتية أن هذه الخطوة تمثل نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، داعية دول الخليج الأخرى إلى اتخاذ إجراءات مماثلة للحد من الحوادث والإصابات الناتجة عن التعرض للحرارة الشديدة.

وأضافت الجمعية أن حظر العمل في أوقات الذروة لا يحمي فقط السائقين من الإنهاك الحراري وضربات الشمس، بل يُسهم أيضًا في تحسين مستوى الأداء وجودة الخدمات، وهو ما ينعكس في النهاية على رضا المستهلك والمجتمع ككل، كما دعت الجمعيات إلى ضرورة توفير بدائل تنظيمية مثل التوصيل عبر السيارات أو تعويض العاملين ماليًا عن الساعات المحظورة.

وعلى الجانب الآخر، عبّر عدد من شركات التوصيل عن قلقهم من التأثيرات الاقتصادية للقرار، لا سيما أن الفترة المحظورة تمثل ذروة الطلب على خدمات التوصيل في المدن الرئيسية والمناطق السكنية خلال فصل الصيف.

وأوضح بعض مسؤولي الشركات أن الحظر سيؤثر بشكل مباشر على معدلات التوصيل اليومية وأرباح السائقين الذين يعتمدون على هذه المهنة كمصدر دخل رئيسي، ودعت بعض الشركات إلى دراسة إمكانية توفير تصاريح استثنائية للحالات الطارئة، أو تقديم تسهيلات للشركات التي تمتلك آليات تبريد أو تدابير حماية متقدمة، كما ناشد البعض الجهات المعنية بإطلاق برامج دعم تعويضية مؤقتة للعاملين الذين سيتأثرون ماديًا بالقرار، خصوصًا أولئك الذين يعملون لحسابهم الخاص.

ورغم الجدل المحدود الذي أثاره القرار في أوساط بعض المستثمرين والعاملين في القطاع، إلا أن المؤشرات العامة تشير إلى التزام واسع ومتوقع من الشركات والمنصات الرقمية الكبرى التي تدير شبكات التوصيل في الكويت.

وأكدت مصادر مقربة من وزارة الداخلية أن فرق التفتيش ستبدأ منذ اليوم الأول من تنفيذ القرار في متابعة التزام الشركات، مع إمكان فرض غرامات وإيقاف تصاريح التشغيل مؤقتًا لأي شركة تتجاهل التعليمات، وأشارت الوزارة إلى أنها ستتيح قنوات تواصل مباشرة لتلقي البلاغات والشكاوى من المواطنين والمقيمين، حول أي مخالفة تتعلق بسير الدراجات خلال أوقات الحظر، بما يضمن تفعيل الرقابة المجتمعية بالتوازي مع الجهود الرسمية.

وفي ضوء هذه التطورات، يتوقع أن تعيد العديد من الشركات ترتيب خططها التشغيلية وجدولة طلباتها بما يتماشى مع مواعيد الحظر الجديدة، خصوصًا مع تزايد الاعتماد على خدمات التوصيل المنزلي في الكويت خلال السنوات الأخيرة.

ومن المرجح أن يشجع القرار كذلك على تطوير حلول مبتكرة مثل استخدام المركبات الكهربائية الصغيرة المغلقة أو توسيع خدمات "الطلب المسبق" التي تتيح للعميل اختيار وقت الاستلام بما لا يتعارض مع فترة الحظر.

وفي المحصلة، يعكس القرار حرص السلطات الكويتية على تحقيق توازن بين متطلبات الاقتصاد والخدمات من جهة، وحقوق الإنسان وبيئة العمل الآمنة من جهة أخرى، في ظل تحديات مناخية متفاقمة باتت تفرض تدخلات حكومية مسؤولة وسريعة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية